الحمد لله، الذي أقرت له بالربوبية جميع مخلوقاته، وأقرت له بالألوهية جميع مصنوعاته، وشهدت بأنه الله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد-
- وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة.
عباد الله: و إذا نظر الإنسان إلى عالم النبات، وجد العجب العجاب في ذلك، وقد أشار الله تعالى إلى شيء من ذلك في محكم كتابه، فقال:
وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء فأخرجنا منه خضرا نخرج منه حبا متراكبا ومن النخل من طلعها قنوان دانية وجنات من أعناب والزيتون والرمان مشتبها وغير متشابه انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه إن في ذلكم لآيات لقوم يؤمنون ، والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ونزلنا من السماء ماء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد .
وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
تـأمل في نبـات الأرض وانظر إلى آثــار مـا صنـع المليـك
عيون من لجين شاخصات بأحداث هي الذهب السبيك
على كثب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك
عباد الله: ثم ليتأمل الإنسان في خلق نفسه، كما قال عز وجل:
وفي أنفسكم أفلا تبصرون . فإذا نظر الإنسان إلى نفسه ومبدئه ومنتهاه وأنه قد خُلِقَ من نطفة من ماء مهين كُوّن منها اللحم والعظام والعروق والأعصاب وأحيطت هذه الأشياء بجلد متين، وجُعِلَ في هذا الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلا، ما بين كبير وصغير، وثخين ورقيق، وجعل في جسمه أبواب متعددة: بابان للسمع، وبابان للبصر، وبابان للشم، وبابان للطعام والشراب والنفس، وبابان لخروج الفضلات المؤذية
… وقد عجز الطب الحديث بآلاته الدقيقة وأجهزته المتطورة من الإحاطة بدقائق خلق الإنسان، فسبحان الخلاق العظيم، وتبارك الله أحسن الخالقين.
فوا عجبا كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجـاحد ؟
وللــه في كل تحريكـة وتسكينـة أبدا شـــاهد
وفي كـل شـيء لـه آية تـدل على أنـه واحــــد